مع تصاعد حدة العمليات الإرهابية في مصر، والمنطقة العربية، انتقد عدد من الإعلاميين دور مؤسسة الأزهر، في تطوير الخطاب الديني، ومواجهة الفكر المتطرف.
ونرصد من خلال هذا التقرير، بداية الهجوم الإعلامي على «الأزهر»، ومراحل تطوره، ورد المؤسسة عليه.
بداية الأزمة.. «الأزهر» يرفض تكفير «داعش»
بدأت الأزمة بين مؤسسة الأزهر، وبعض وسائل الإعلام، في شهر ديسمبر الماضي، وتحديدًا عقب انتهاء المؤتمر العالمي الذي عقدته المؤسسة؛ لمواجهة العنف والتطرف.
حيث أصدر الأزهر بيانًا رسميًا، عقب انتهاء المؤتمر، نفى فيه ما تداولته بعض وسائل الإعلام، على لسان مفتي نيجريا، إبراهيم صالح الحسيني، بأنه أفتى بتكفير تنظيم «داعش»، خلال حضوره للمؤتمر.
وأشارت المؤسسة في بيانها إلى أنها ترفض تكفير تنظيم «داعش»؛ لأنه لا تكفير لمسلم، مهما بلغت ذنوبه، مضيفة أن الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، على أتم استعداد للالتقاء مع هذه التنظيمات صاحبة الفكر المتطرف؛ لإعادتهم للتعاليم الصحيحة للدين الإسلامي، وهو ما أثار غضب عدد كبير من الإعلاميين، وقتها ودفعهم إلى الهجوم على المؤسسة بأكملها.
وتجدد هذا الهجوم الإعلامي على الأزهر والدكتور أحمد الطيب، عقب الهجمات الإرهابية الأخيرة التي شهدتها شمال سيناء، يوم الخميس الماضي، وحادث إعدام الطيار الأردني، معاذ الكساسبة، حرقًا على يد تنظيم «داعش» بسوريا.
هل مازال «الطيب» يرفض تكفير «داعش»؟
عقب حادث حرق «الكساسبة»، شنت الإعلامية إيمان عز الدين، هجومًا على الدكتور أحمد الطيب؛ بسبب موقفه من تنظيم «داعش»، متسائلة: «هل مازالت يا شيخ الأزهر عند رأيك بأنك لا تستطيع تكفير هذا التنظيم؟».
وأضافت «عز الدين» في برنامجها «بصراحة»، الذي يعرض على فضائية «التحرير»، أن «هذا التنظيم يخالف بشكل واضح وصريح تعاليم الدين الإسلامي، وأرى أنه لابد من تكفيره؛ لأن بقاء انتماءه للدين الإسلامي هو أكبر مؤامرة على الإسلام، ولا يجب الاشتراك فيها».
قيادات «بوكو حرام» تخرجت من الأزهر
أرجع الإعلامي يوسف الحسيني، جريمة حرق الطيار الأردني، معاذ الكساسبة، على يد تنظيم «داعش»، للمناهج التي يتم تدريسها في الأزهر.
وقال «الحسيني» في برنامجه «السادة المحترمون»، الذي يعرض على فضائية «أون تي في»، إن «داعش طبقت في هذه الواقعة ما هو موجود بالكتب التي يتم تدريسها للطلاب بالأزهر الشريف»، مضيفًا: «وجماعة بوكو حرام أيضًا نصف قياداتها تخرجت من الأزهر، ودرست هذا الغي»، على حد وصفه.
وأضاف أن «الأزهر مؤسسة عظيمة، ولها دور رائع ليس في مصر فقط بل في العالم كله، وكلامي هذا ليس الهدف منه الهجوم على المؤسسة، بل بهدف التصويب فقط».
«الطيب» يؤمن بنفس أفكار «داعش»
قال الإعلامي إبراهيم عيسى، إن «الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، يؤمن بنفس الأفكار التي يؤمن بها تنظيم داعش»، على حد قوله.
وأضاف «عيسى» في برنامجه «25/30»، الذي يعرض على فضائية «أون تي في»، إن «الدكتور أحمد الطيب، مثله مثل الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، وأعضاء تنظيم داعش، يؤمن بضرورة تطبيق حد الردة، وإقامة الدولة الإسلامية، ولكن هناك اختلاف واحد فقط بينهم حول التوقيت والآلية التي يتم من خلالها تحقيق هذه الأهداف».
وأضاف «الاختلاف الوحيد بين الطيب وداعش، هو أن الطيب يريد تحقيق هذه الأهداف ولكن ليس الآن، وبطريقة سلمية، أما داعش فتريد تحقيقها الآن وبالقتل»، على حد قوله.
لا قداسة لشيخ الأزهر.. وعلى «الطيب» أن يتنحى
حمّل الإعلامي عمرو أديب، مؤسسة الأزهر، والدكتور أحمد الطيب، مسؤولية ما وصفه بتراجع الخطاب الديني، وانتشار الفكر المتطرف، وذلك عقب الأحداث الإرهابية التي شهدتها شمال سيناء، يوم الخميس الماضي.
وتسائل «أديب» في برنامجه «القاهرة اليوم»، الذي يعرض على فضائية «اليوم»، «أين دور مصر، ورجال الدين، والأزهر الشريف، في مواجهة انضمام الشباب للتنظيمات الإرهابية؟»، مضيفًا: «للأسف الاستمرار في الوظائف لسنوات هو الذي أدى لذلك».
وطالب الدكتور أحمد الطيب بالتنحي عن منصبه، قائلًا: «لا قداسة لشيخ الأزهر؛ لأنه موظف عام قد يخطئ، وقد يصيب، وطالما أنه لا يمكن عزله، فيجب عليه أن يتنحى من نفسه».
«الأزهر» يدافع عن نفسه: الهجوم علينا مدفوع الأجر.. وهدفه إخلاء الساحة لـ«العلمانيين»
استنكر الدكتور توفيق نور الدين، نائب رئيس جامعة الأزهر، الهجوم الذي يشنه بعض الإعلاميين على المؤسسة بأكملها، والدكتور أحمد الطيب، قائلًا: «نحن نرحب بالنقد البناء، لكن ما نتعرض له الآن ليس نقدًا بل هجومًا مدفوع الأجر».
وقال «نور الدين» في تصريحات لـ«بوابة الشروق»، «لا أرى أي سبب يبرر الهجوم علينا، بهذا الشكل، وأؤكد أن هذه الحملة هدفها إقصاءنا عن المشهد الحالي، وإخلاء الساحة للعلمانيين»، مضيفًا: «الأزهر مؤسسة عريقة، وصدرت الإسلام للعالم كله».
وردًا على ما قاله بعض الإعلاميين حول تدريس رواية تؤكد تطبيق أبو بكر الصديق لعقوبة الحرق حيًا للطلاب بجامعة الأزهر، تسائل: «من قال إن كتاب “البداية والنهاية” يتم تدريسه للطلاب؟»، مضيفًا: «هذا الكتاب يتضمن روايات تحتمل الصدق والكذب، ونحن لم نعتمد هذه الرواية في مناهجنا».
وفيما يتعلق بموقف المؤسسة من مطالبة البعض بإصدار فتوى لتكفير تنظيم «داعش»، قال إن «الدكتور أحمد الطيب سبق وأن حسم هذه المسألة، وأكد على أن الإيمان والكفر مسألة عقدية، وأنه لا يستطيع تكفير أحد، ولكنه يستطيع الحكم على الإنسان من أفعاله».
وأضاف «مؤسسة الأزهر أكدت ولأكثر من مرة على أن ما يقوم به تنظيم داعش، وغيره من التنظيمات الإرهابية الأخرى ليس له علاقة بالإسلام، ولا يمكن أن يقوم به مسلم»، متسائلًا: «ماذا نفعل أكثر من ذلك؟».
«الأزهر» هو الأكثر التزامًا ووسطية.. ولا لكسره
ومن جانبه، انتقد أحمد المسلماني، المستشار الإعلامي لرئيس الجمهورية السابق، ما وصفه بالهجوم الشديد على مؤسسة الأزهر، والدكتور أحمد الطيب، قائلًا: «الأزهر هو القوة الناعمة، والمؤسسة الأولى لمليار و600 مليون مسلم، ولا لكسره».
وقال «المسلماني» في برنامجه «هنا القاهرة»، الذي يعرض على فضائية «الحياة»، إن «البعض يتحدث عن الأزهر وشيخه الجليل بما لا يعلم، وبما لا يليق، فمن لا يعلم أبسط المعرفة بعلوم الدين والدنيا يتحدث بما لا يليق عن الأزهر ومكانته ورسالته».
وأضاف «تحت حجة تطوير الخطاب الديني، والمؤسسات الدينية، يأتي الهجوم على الأزهر وشيخه الجليل، فالبعض يتصور أن الأزهر يجب وأن يكون مؤسسة علمانية، والبعض معادي بالأساس لفكرة الدين ويستخدم مصطلح التطوير من أجل الغطاء على عداءه للدين، والبعض الآخر ليس مقتنعًا بالإسلام ويستغل الهجوم على التطرف الإسلامي؛ لكسر شوكة هذا الدين».
واختتم حديثه عن الأزهر، قائلًا: «الأزهر هي المؤسسة الأكثر التزامًا ووسطية عبر التاريخ، فارفعوا أيديكم عنها وعن الإمام الأكبر، وعليكم أن تتسلحوا بالمعرفة قبل البدء بالهجوم».