تتبع سلطنة عُمان دائمًا، سياسة مرنة في علاقاتها الدولية والإقليمية، تختلف عن المواقف المتشددة التي تتبعها باقي دول الخمس لمجلس التعاون الخليجي، حيث أكد بيانا لدول الخليج -عدا عُمان- الاستجابة لطلب الرئيس اليمني، بردع عدوان ميليشيا "الحوثي".
ونفذت الضربات الجوية صباح اليوم، في عملية "عاصفة الحزم"، على معاقل الحوثيين في اليمن، نتج عنها تدمير عدد من المواقع العسكرية في العاصمة صنعاء، وأخرى في جنوب البلاد.
وأكد الكتور محمد محسن أبو النور، خبير الشؤون الإيرانية، والباحث في العلاقات الدولية، أن التقارب بين إيران وسلطنة عُمان، والرؤية المغايرة التي تتبناها حيال الأزمة اليمنية، يعزز من فرص لعب الأخيرة دور الوسيط، من أجل تسوية الأزمة في اليمن، مضيفًا أن السلطان قابوس، مرتبط بعلاقات وثيقة مع الإيرانيين، وكان صديقا شخصيا للرئيس حسن روحاني.
وأوضح أبوالنور، لـ"الوطن"، أن السياسية العمانية اعتمدت على الحياد في الملفات الإقليمية والدولية في السنوات الأخيرة، بجانب أن السلطان قابوس يظهر للعالم في صورة الرجل الحكيم، الذي يحل النزاعات ولا يتورط فيها.
وقال أبوالنور، إن علاقات الحرب والمصالحة، تتخطى الحديث عن الصداقات إلى مصالح الأمن والسياسة، والحل الوحيد المطروح أمام عُمان، هو لعب دور الوسيط بامتياز.
يذكر أن السعودية، شنت ضربات جوية ضد مواقع الحوثيين في اليمن؛ في أول عملية عسكرية ضد عناصر "الحوثي"، منذ انقلابهم على شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، وأُطلق عليها اسم "عاصفة الحزم"، بمشاركة 9 دول بينهم 4 دول خليجية، إلى جانب مصر والمغرب والأردن والسودان وباكستان.
ويعتبر الشيعة في سلطة عُمان أقلية صغيرة، إلا أن لهم نفوذ سياسي واقتصادي واسع، ويقدر أتباعهم في عمان بنحو 100 ألف، من إجمالي عدد السكان، الذي يبلغ مليونين و330 ألف نسمة، منهم مليون و800 مواطن عُماني، حسب إحصاء عام 2003.
ويرجع انتشار الشيعة في عُمان منذ فترة طويلة من التاريخ، حيث إن العٌمانين الأصليين كانوا من أتباع الإمام على بن أبي طالب، وينقسم الشيعة في عمان إلى ثلاث جماعات كبيرة: الشيعة اللواتية، من أثرى طبقات المجتمع العماني، ويتولون كثيرًا من المناصب الحكومية، وهم عُمانيون نزحوا إلى الهند على إثر صدامهم مع سائر المذاهب الأخرى والخوارج، وبعد أن أقاموا فترة طويلة في الهند عادوا إلى عمان مرة ثانية، والشيعة البحرينيون أو البحارنة، هم الشيعة الذين تعرضوا إلى الظلم من السلاطين والحكام وخصوصًا الخلفاء العباسيين، الأمر الذي أدى إلى اضطرارهم في منطقة الخليج إلى الهجرة من المناطق الشمالية إلى المناطق الجنوبية، وكانت هذه الهجرة في الغالب من مناطق البحرين والإحساء والقطيف وخوزستان والبصرة، ومع أن البحرينين يمثلون أقل الجماعات الشيعية في عُمان، ولكنهم نظرًا لشهرة تجارتهم فإنهم يتمتعون بمكانة طيبة مثل الشيعة اللواتية، أما المهاجرين من إيران لعُمان فيطلق عليهم "الشيعة العجم"، يرجع قرب السواحل الإيرانية والعمانية تسهل الهجرة المتبادلة إلى كلا البلدين، ويعيش الشيعة العجم في عمان في مناطق مسقط عاصمة البلاد، ومطرح وضواحيها، وفي مناطق الباطنة، وقليل منهم يعيش في مسندم ومدينة صور الساحلية.