الشنق، أو الرمي بالرصاص، أو المنفى الأبدي.. عقوبات إعدام شهدها تاريخ مصر الحديث، نُفذ بعضها وخُفف البعض الآخر، ليصل إلى المؤبد، بعد توسط قوات الاحتلال تارة، ورؤساء تلك المراحل تارة أخرى.
يبرز من بين تلك الأحكام 12 حكما نفذت جميعا على خلفية أحداث سياسية، صاخبة كحادث تنظيم "الكلية الفنية العسكرية" أو تنفيذ الحكم على عاملين بمصنع كفر الدوار، بعد أن احتجا على نقل المصنع للعمال لمصنع آخر دون إنذار مسبق، وغيرها من الوقائع التي سيتم استعراضها في السطور القليلة القادمة.
مُفتتح أحكام الإعدام في التاريخ المصري الحديث:
عام 1800، حُكم على الشاب السوري سليمان الحلبي بالإعدام، ومن معه من مشايخ الأزهر، بتكليف عسكري من السلطة الفرنسية برئاسة الجنرال رينيه. وجاء تنفيذ الحكم بأن شاهد الحلبي إعدام رفاقه أولا، ثم تم حرق يده اليمنى، وبقى بعدها على خازوق، لمدة 4 ساعات، حتى جاء جندي فرنسي، وسقاه كأسا، كان سبب وفاته في الحال.
ـ إعدام "خميس والبقري" بعد رفضهم النقل المتعسف من مصنع كفر الدوار
وكان الحلبي، الذي كان يبلغ من العمر 24 عامًا، اغتال "كليبر" قائد الحملة الفرنسية على مصر عام 1798، حيث تنكر في هيئة شحاذ ودخل عليه، وطعنه 4 طعنات متوالية أردته قتيلا.
"دنشواي".. الوجع الأبدي في الذاكرة المصرية:
"مذبحة دنشواي".. علامة خالدة، ستبقى شاهدا على خسة الاحتلال ودناءة المحتلين، تمت في 17يونيو 1908، بحق 4 قرويين من "دنشواي"، حسن محفوظ، ويوسف سليم، والسيد عيسى سالم ومحمد درويش زهران، ضمن 92 متهما بالقتل المتعمد لضابط إنجليزي في تهمة لفقها لهم قيادات الاحتلال البريطاني.
صاحب أول "إعدام" في قضية اغتيال لشخصية مصرية:
24 عاما، كان أيضًا سن إبراهيم ناصف الورداني، صاحب حكم الإعدام لأول قضية اغتيال في تاريخ مصر الحديث، حيث اغتال بطرس غالي باشا، رئيس الوزراء حينها، أمام وزارة الحقانية، في الساعة الواحدة من ظهر يوم 20 فبراير 1910، حيث أطلق عليه 6 رصاصات أصابت 2 منها رقبته.
ورأى الورداني، المنتمي للحزب الوطني، أنه غير نادم على ارتكاب هذا الاغتيال، لأنه كان يرى غالي خائنا، بسبب اتفاق الحكم الثنائي، ومشروع قانون مد امتياز قناة السويس، ورئاسته لمحكمة دنشواي، وقانون المطبوعات.
حل جماعة الإخوان أودى بحياة "النقراشي" على يد طالب "الطب البيطري"
قرار حل جماعة الإخوان المسملين في 8 ديسمبر 1948، والقرارات التي سبقته، والتي تسببت في حادث كوبري عباس، وقرار دخول مصر حرب فلسطين، كانت الأسباب التي ارتكز عليها عبد المجيد أحمد حسن، الطالب بكلية الطب البيطري، لاغتيال محمود فهمي النقراشي، رئيس الوزراء المسؤول عن هذه الأحداث. تم القبض على عبد المجيد، وخمسة آخرين، كان نصيبهم السجن مدى الحياة، في حين تم إعدام "عبد المجيد" شنقا.
"خميس والبقري" أول ضحايا المحاكم العسكرية بعد ثورة يوليو:
7 سبتمبر 1952، نُفذ حكما بالإعدام على العاملين بمصنع كفر الدوار، مصطفى خميس ومحمد البقري.
بدأت الأحداث في أغسطس من نفس العام، حين قامت إدارة المصنع بنقل مجموعة من عمال مصانع شركة مصر للغزل والنسيج بكفر الدوار، التابع لبنك مصر، الذي كان يرأسه حافظ عفيفي باشا، رئيس الديوان الملكي الأسبق، إلى كوم حمادة، بدون إبداء أسباب، ما أغضب العمال، وقرروا الإضراب عن العمل، ونظموا وقفة احتجاجية لإعلان مطالبهم لحركة الجيش، آملين من ثورة يوليو، التي قامت قبل القرار بـ 20 يوما، أن تحقق مطالبهم وتحافظ على حقوقهم، وتوالت الاعتراضات، وحوصر العمال داخل المصنع، وخرجوا بعدها، بناء على ما أُشيع عن توجه الرئيس محمد نجيب إليهم، وخرجوا إلى مداخل المدينة، مرورا بأحد المعسكرات الأمنية، وسكنت طلقة، غير معروف اتجاهها، جسد أحد الجنود، فأردته قتيلا، وبدأت المعركة بين القوات والعمال.
وشكل مجلس قيادة الثورة، مجلسا عسكريا لمحاكمة العمال، الذين اتهموا بالتحريض والمشاركة في الأحداث، ليفتتح بذلك صفحة محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية. وأنهت المحكمة التي عقدت في ساحة عامة بكفر الدوار، بحضور حشود عمال الشركة، بعد محاكمة 29 من عمالها في يومين اثنين، وحكم على عدد من العمال بالأشغال الشاقة المؤبدة، واختصت المحكمة "خميس والبقري" بحكم الإعدام.
ركيزة العداء الصريح بين الإخوان ومجلس قيادة الثورة:
"حادثة المنشية".. هي محاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، من خلال إطلاق النار عليه في 26 أكتوبر 1954، أثناء إلقاء خطاب في ميدان المنشية بالإسكندرية، وتم اتهام الإخوان المسلمين بارتكاب هذه الحادثة، ومحاكمة وإعدام عدد منهم. ومثل الحكم عداءً صريحا بين جماعة الإخوان، ومجلس قيادة الثورة.
إعدام "قطب" للتآمر على نظام الحكم:
فجر الاثنين 29 أغسطس 1966، تم إعدام الشيخ سيد قطب، و6 آخرين من أعضاء جماعة الإخوان، بتهمة التآمر على نظام الحكم.
إعدام مؤسس "التكفير والهجرة":
1978 تمت إدانة جماعة التكفير والهجرة، باغتيال الذهبي، وزير الأوقاف حينها، وإعدام مؤسسها شكري مصطفى و4 آخرين، في محاكمة عسكرية.
"تنظيم الفنية العسكرية" يودي بحياة 17 جنديا ليسيطر على مقاليد الحكم
"تنظيم الفنية العسكرية".. الإعدام الأشهر في السبعينيات:
عام 1976 شهد إعدام صالح سرية، الفلسطيني الأصل، والذي كوّن خلية داخل الكلية الفنية العسكرية، مكونة من 16 طالبا، عرفت باسم "تننظيم الفنية العسكرية"، وقيل إن اختياره للكلية، تم باعتبارها موقعًا عسكريًا أساسيًا لانطلاقته السريعة نحو تنفيذ خطة الإطاحة بنظام حكم الرئيس السادات، لما تحفل به هذه الكلية من العتاد العسكري، وبما تضمه من دارسين لفنون الهندسة والتكنولوجيا المتطورة في العلوم العسكرية النظرية والتطبيقية.
وتحقيقًا لهذا الهدف الاستراتيجي، تمكن سرية من تجنيد كارم عزت حسن عبدالمجيد الأناضولي، الطالب النموذجي بالسنة الخامسة بالكلية، وضمه إلى تنظيمه، وتنصيبه أميرا على خلية التنظيم من طلبة الكلية، وذاع اسم الطالب طلال الأنصاري معهما.
وخطط سرية، للاستيلاء على الكلية الفنية العسكرية، والخروج بالدبابات، صباح الخميس 18 أبريل 1974، لولا أن أبلغ أحد أعضاء التنظيم، الجهات المسؤولة بالتخطيط، التي استطاعت السيطرة على الموقف، بعدما أودي بحياة 17 وجُرح 65 بريئًا من جنود الكلية، والقائمين على حراسة أبوابها. صدر الحكم بإعدام صالح سرّية، وكارم الأناضولي وطلال الأنصاري، وقرر السادات تخفيف الحكم الصادر على الأخير إلى المؤبد، نتيجة وساطة والده الشاعر السكندري عبد المنعم الأنصاري.
* الإعدام رميا بالرصاص لقاتل "السادات":
صدر الحكم في أبريل 1982 بإعدام خالد الإسلامبولي، مخطط ومنفذ عملية اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات، في 6 أكتوبر 1981، وتم تنفيذ الحكم رميا بالرصاص.
إعدام مرتكب أول مذابح الألفية الثانية:
في الألفية الجديدة، كان حكم الإعدام الأشهر، في 10 أكتوبر 2011، على محمد أحمد محمد حسين، وشهرته "حمام الكموني" (41 عاما)، مقيم بنجع حمادي في محافظة قنا، بتهمة قتل 6 مسيحيين ومسلم واحد عمدًا، والشروع في قتل آخرين وإتلاف بعض المحال التجارية. وبدأت وقائع القضية في 6 يناير 2010، ليلة الاحتفال بعيد الميلاد المجيد بنجع حمادي، حيث قام المذكور بإطلاق النيران بكثافة على إحدى الكنائس، ما أدى إلى مقتل 7، كما شرع في قتل 9 آخرين عمدًا مع سبق الإصرار والترصد، مستخدمًا بندقية آلية، فضلًا عن إتلاف أبواب وواجهات المحال التجارية الكائنة بموقع الحادث، أثناء قيامه بإطلاق النار بصورة عشوائية.
"مطاي" تودي بحياة 37 إلى "عشماوي":
قبل مرور 3 سنوات على أشهر قضايا الإعدام في الألفية الثانية، صدر أمس حكما بإعدام 37 شخصًا، في أحداث مطاي، وإحالة 683 متهمًا من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، بينهم محمد بديع مرشد الإخوان، إلى المفتي، في أحداث عنف بمركز العدوة، والتورط في القتل العمد لرجال شرطة بقسمي العدوة ومطاي، مع سبق الإصرار والترصد.