فى تصعيد خطير من قبل جماعة الحوثى أصدرت جماعة "أنصار الله"، إعلانًا دستوريًا فى القصر الجمهورى باليمن، مساء اليوم، الجمعة، بمشاركة وزيرى الدفاع والداخلية اليمنيين، وتضمن الإعلان، تفويض اللجان الثورية بإدارة شئون البلاد، كما تضمن حل مجلس النواب. وتضمن الإعلان 5 مواد أولها استمرار العمل بأعمال الدستور ما لم يتعارض مع أحكام هذا الإعلان، وأن تنظم مواد الإعلان قواعد الحكم، وتكفل الدولة الحقوق والحريات وتلتزم بحمايتها، وتقوم السياسة الخارجية على مبدأ حسن الجوار والتعاون لتحقيق المصالح المشتركة بما يحفظ سيادة الوطن واستقلاله، كما تتولى اللجنة الثورية العليا إدارة البلاد. وجاء فى الإعلان الدستورى الصادر عن اللجان الثورية الحوثية، تشكيل مجلس وطنى انتقالى مكون من 551 عضوًا، يحل بديلاً لمجلس النواب المنحل، ويحق لأعضاء مجلس النواب المنحل حق الانضمام إليه، ويتولى هذا المجلس انتخاب مجلس رئاسى يتألف من 5 أشخاص يقودون مرحلة انتقالية مدتها عامين. وبحسب الإعلان، فإن مواد هذا الإعلان هى من تمثل قواعد الحكم خلال المرحلة الانتقالية، مع تكليف اللجنة الثورية العليا واللجان المتفرعة فى المحافظات والمديريات فى أنحاء الجمهورية، بالتعبير عن الثورة. كما تضمن الإعلان، إلزام سلطات الدولة الانتقالية خلال مدة أقصاها عامان بالعمل على إنجاز استحقاقات المرحلة الانتقالية وفق اتفاق السلم والشراكة الوطنية ومراجعة مسودة الدستور الجديد وسن القوانين التى تتطلبها المرحلة التأسيسية، والاستفتاء على الدستور تمهيدًا لانتقال البلاد للوضع الدائم، بالإضافة إلى استمرار التشريعات العادية النافذة ما لم تتعارض صراحة أو ضمنا مع نصوص هذا الإعلان. ويأتى الإعلان المنفرد بعد استقالة الرئيس اليمنى عبد ربه منصور هادى، وفشل سياسيى اليمين فى التوافق على تشكيل مجلس رئاسى، خلال جلسة الحوار بين القوى السياسية وجماعة الحوثى المسلحة، برعاية مبعوث الأمم المتحدة جمال بن عمر. واعتبرت مصادر سياسية يمنية أن إقدام الحوثيين على تلك الخطوة انتحار سياسى، كونه عملاً منفردًا يقصى كل الأطراف ولن يحظى بقبول إقليمى ودولى، فيما تنصل قياديون فى الحراك الجنوبى اليمنى ممن تحدث باسم الحراك فى مؤتمر الحوثيين. ورغم الفراغ السياسى الناتج عن استقالة الرئيس عبد ربه منصور هادى وحكومته، لا تملك جماعة الحوثيين أى صفة قانونية أو دستورية لإصدار أى إعلان يتخذ الصفة الدستورية، لكنها تسيطر بالقوة على العاصمة اليمنية وكافة المرافق الأمنية والعسكرية. يأتى ذلك فيما ذكرت وكالة "سبأ" الرسمية أن مستشار الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الخاص إلى اليمن جمال بن عمر، غادر صنعاء الجمعة بعد زيارة دامت أسبوعين أجرى خلالها لقاءات مع قيادات المكونات والأحزاب السياسية لبحث سبل تجاوز التحديات الراهنة التى تواجه اليمن واستكمال بقية خطوات المرحلة الانتقالية وتنفيذ مخرجات الحوار الوطنى الشامل واتفاق السلم والشراكة الوطنية. وسيطرت جماعة الحوثيين على القصر الجمهورى ومقر مجلس الوزراء اليمنى، ما دفع الرئيس اليمنى عبد ربه منصور هادى إلى الاستقالة، بعد استقالة حكومة رئيس الوزراء خالد بحاح. وتصاعدت الأزمة فى اليمن مع سيطرة الحوثيين على القصر الرئاسى والتليفزيون، إلا أنها وصلت إلى ذروتها فى الوقت الذى بدت فيه على وشك التوصل إلى حل لها، بعدما أبدى الرئيس عبد ربه منصور هادى موافقته على مطالب الحوثيين، لكن بشكل مفاجئ تصاعدت الأمور إلى حد استقالة الرئيس هادى وحكومته بينما رفض البرلمان الاستقالة ليواجه حصار الحوثيين له، وسرعان ما تطور الأمر إلى وقوع اشتباكات وأعمال عنف بين أنصار الرئيس هادى والحوثيين. وبدأت حركة الحوثيين نشاطها فى اليمن كجماعة دينية تدعى "الشباب المؤمن"، التى سعت لإحياء الزيدية وهى طائفة شيعية تضم نحو 30% من الشعب اليمنى، خاصة فى الشمال، وتسبب الغزو الأمريكى للعراق عام 2003، فى تغذية المشاعر المعادية للأمريكان فى المنطقة، واستغل حسين الحوثى مشاعر الغضب العام لشن ثورة مسلحة ضد الرئيس السابق على عبدالله صالح، حليف أمريكا فى ذلك الوقت، وقتلت القوات الحكومية الحوثى فى 2004، لكن أتباعه واصلوا التمرد الذى بدأه ضد صالح، الذى أطيح به من السلطة بموجب إتفاق بوساطة خليجية عام 2012، ويتمتع الحوثيون بتأييد واسع بين رجال القبائل الذين عانوا من الحملات العسكرية لنظام صالح. وأعلنت إيران دعمها منذ البداية لتحركات الحوثيين، هذا بالإضافة إلى دورها الرئيسى فى مساندة نظام الرئيس بشار الأسد عبر مشاركة "الحرس الثورى" بشكل مباشر فى القتال ضد المتمردين والجماعات الأرهابية ومن بينها تنظيم داعش، وهو نفس الدور الذى تقوم به فى العراق فى مواجهة التنظيم الإرهابى. وأشاد قائد قوات حرس الحدود العراقية اللواء عبد الكريم العامرى بدعم الجمهورية الإسلامية الشيعية لبلاده فى مواجهة التنظيم، مؤكدا أن داعش لم تتمكن من التواجد فى بغداد نظرا للدعم الجيد من جانب إيران والإهتمام الخاص الذى يوليه قائد الثورة الإسلامية، لكن مع ضخ إيران الكثير من قواتها العسكرية والمادية فى سوريا والعراق بالإضافة إلى شريكها الرئيسى فى لبنان "حزب الله"، باتت تواجه تهديدات العناصر الجهادية السنية بقوة، وهو التهديد الذى تخاطر بتفاقمه مع إعلان دعمها للحوثيين الشيعة فى اليمن حيث يتسع نفوذ تنظيم القاعدة الذى يزعم وجوده فى 16 من أصل 21 محافظة فى البلاد. وبالنسبة لدول الخليج فإن سقوط صنعاء فى يد المتمردين الشيعة يعنى إمكانية السيطرة على مضيق باب المندب مما يشكل "خطرا كبيرا"، ذلك بالإضافة إلى تأثير ذلك على مصر والسودان وأريتريا وجيبوتى، فضلا عن إسرائيل التى تتضمن مصالحها فى اليمن البقاء على حرية الإبحار عبر البحر الأحمر.