أودعت محكمة جنايات الجيزة المنعقدة بأكاديمية الشرطة حيثيات حكمها ببراءة وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى من تهمة الكسب غير المشروع، واستغلال النفوذ، والتربح بما قيمته 181 مليون جنيه. - الحيثيات أكدت أن التحريات جاءت غير جدية وقالت المحكمة فى حيثيات حكمها الصادر برئاسة المستشار مصطفى أبو طالب، وعضوية المستشارين فتحى البيومى، وعلاء أباظة، وأمانة سر خالد شعبان، وناصر كمال، إنه بعد الاطلاع على أوراق القضية، وأمر الإحالة، وسماع مرافعة النيابة العامة والشهود والدفاع، والاطلاع على المستندات المقدمة من الدفاع، ثبت لها براءة العادلى من الاتهامات الموجهة إليه حيث رأت التحريات غير جدية، بزعم زواج العادلى من أجنبية تدعى "أنوشكا" اتضح أنها متزوجة من آخر ولديها ابنان، كما اعتمدت التحريات على أقوال غير صحيحة دون مستند رسمى يثبت الزواج المشار إليه، وتم ضم أملاك المذكورة على أنها أملاك العادلى، وقد نفت زواجها منه وتم رفع التحفط عن أموالها. - لجنة الخبراء فحصت الثروة بتقديرات نظرية فقط ورأت المحكمة- فى الحيثيات التى جاءت فى 30 صفحة- أن لجنة الخبراء اعتمدت فى تقرير فحص الثروة على التقييم النظرى، مع إغفال الاعتبارات الاقتصادية، وتغيير قيمة الأملاك مع الزمن، واحتساب أسعار ممتلكات العادلى فى الوقت الحالى، وليس بتاريخ شرائها الفعلى، كما أغفلت التحريات استقرار الذمة المالية لبنات العادلى، المتزوجات من رجال لديهم وظائفهم التى يربحون منها دخلاً وفيرًا، وأدخلت أملاكهن بالقضية على أساس أنها من أموال والدهن. - تحصل العادلى على شقق من إسكان الضباط مشروع لكونه ضابطًا كما رأت المحكمة ضعف تحريات الشرطة التى أدانت العادلى لأنه تحصل على شقق من جمعيات إسكان ضباط الشرطة، وهو أمر مشروع، لكونه ضابطًا له حق الانتفاع بنشاط الجمعية، ومن ثم لايمكن القول إنه استغل وظيفته للحصول عليها. وثبت للمحكمة ثراء زوجة العادلى "إلهام شرشر"، وأنها اشترت مجوهرات قبل زواجها منه بـ3 ملايين و30 ألف دولار، وحصلت على نفقة من زوجها السابق قيمتها ثلاثة ملايين وستمائة وتسعة آلاف جنيه، وبعد زواجها من العادلى باعت مجوهرات فى 2005 بعشرين مليون جنيه، بما يقطع بغناها وقدرتها على شراء أملاك لابنها شريف، ولا يُعقل أن تبخل بمالها على ولدها، فاشترت له شاليه فى المعمورة ثمنه مائتان وخمسة وثمانون ألف جنيه، وهو مبلغ كبير فى ذلك التاريخ، فضلاً عن كونها صحفية بجريدة الأهرام وتتقاضى شهريًا مبلغ 3 آلاف جنيه، بخلاف الأرباح والمكافآت السنوية. واستندت المحكمة فى حيثيات حكمها إلى أقوال الشهود ومنهم صلاح الدين نبيل، عضو هيئة الرقابة الإدارية بالتحقيقات، الذى قال إن معظم الأملاك المدونة بإقرار الذمة المالية المقدم من العادلى فى أول نوفمبر 2004، تملكها عن طريق عضويته لجمعيات ضباط الشرطة، ولم تتوصل التحريات إلى وجود استغلال فى السلطة، وشريف حمدى سليمان، مدير حسابات شركة "ستيفانو"، بأن المتهم سدد ثمنها، ثم قام ببيعها مرة أخرى إلى الشركة، وتقاضى الفارق، وقال إن هذه سياسة تسويقية للشركة، لأنها تعيد بيع الوحدات للآخرين وهو ما أيدته أقوال هشام طلعت مصطفى، رئيس مجلس إدارة الشركة المذكورة، الذى قرر أن هذه سياسة الشركة التى اتجهت للبيع إلى المشاهير من الأمراء العرب والفنانين لجذب آخرين. وأثبتت المحكمة أن العادلى عمل ضابطًا وترقى فى درجة مساعد وزير الداخلية لأمن الدولة، ثم وزيرًا للداخلية، وكان يشغل خلال فترة وزارته منصب عضو مجلس شورى، وعضو بلجانه، ولا شك أن تلك المناصب كانت تحقق له دخلاً مشروعًا كبيرًا، وكان متوسط راتبه وهو مساعد لوزير الداخلية بمتوسط شهرى يقارب ثمانية عشر ألف، وخمسمائة جنيه، غير متصور أن يكون راتبه وهو وزير للداخلية أقل من ذلك. واستندت المحكمة فى أسباب البراءة إلى شهادة هشام نجيب، مدير الشئون القانونية بشركة الوادى الأخضر، المنشأة منذ 1996 بعد أن كانت جمعية وتم حلها وتحويلها إلى شركة مساهمة فى 1996، وقبل حل الجمعية انضم إليها 6 جمعيات منها المحكمة الدستورية العليا، وجمعية الرقابة الإدارية وجمعية ضباط أمن الدولة، وزيدت المساحة المخصصة للجمعية الأم بعد انضمام تلك الجمعيات لها، وعندما تم حل الجمعية الأم وتحويها إلى شركة، وبالتالى تم تخصيص أراضى لأعضاء الجمعية وقت انعقادها وحينما زيدت أراضيها تم تزويعها على جميع الأعضاء، وكانت العضوية مفتوحة لجميع الأعضاء، وكان العادلى يمتلك بشركة "الوادى الأخضر" ما يزيد عن 3 أفدنة على طريق الواحات، وتحول التخصيص إلى ابنه شريف بولاية والده، ومخصص له قطعتان بمساحة 51 فدانًا و17 فدانًا بجمعية 6 أكتوبر التى تحولت إلى الشركة، وهذه التخصيصات كانت متاحة لكل الأعضاء لمن يرغب منهم. وقالت الحيثيات إن العقارات التى يمتلكها العادلى ومنها شقة بشارع لبنان، وأخرى بشارع الغيث وشارع نوال بالعجوزة، وقطعتين بمنتجع الشيخ زايد، والفيلات الأخرى بالشيخ زايد، تمت بالأسعار السائدة وقت الشراء، ولم يتبين وجود مخالفات فى طريقة حصوله عليها. وأضافت المحكمة فى الحيثيات أن اللائحة العقارية الصادر عام 2000، بحصر قطعة واحدة للمنتفع، صدرت بأرض الحزام الأخضر للعاملين بالحكومة، أو لأعضاء المجالس النابية، صدرت بعد تملك العادلى للوحدات محل الاتهام، ومن ثم لا تنطبق أحكامها على ما خصص له سلفًا، وثبت أن نص المادة 38 من اللائحة تنظم المساحة المتروكة حول المجتمعات العمرانية، ولا تنظك تلك المساحة التى خصصت للجمعيات. - عدم إدراج 35 ألف جنيه إسترلينى فى إقرار ذمة العادلى المالية ليس كافيًا ليكون سند اتهام وبشأن تهمة تحقيق كسب غير مشروع قيمته خمسمائة وثلاثون ألف جنيه إسترلينى بأحد البنوك دون إدراجها فى إقرار ذمته المالية، والقول إنه تحصل عليه بسبب وظيفته، غير جائز وليس كافيًا ليكون سند اتهام، لمجرد أن العادلى لم يدرجه المبلغ فى إقرار الذمة المالية. وأشارت المحكمة فى حيثياتها إلى أن الدعامة الأولى الأساس الأول أن المشرع الدستورى وانصاعت له أحكام القضاء وقد نصت مادته 96 بأن المتهم برىء حتى تثبت إدانته فى محاكمة قانونية عادلة تكفل فيها ضمانات الدفاع عن نفسه فإذا كان ذلك من المقرر بنص المادة 95 من الدستور أن العقوبة شخصية إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون ومن ثم أكد المشرع القانونى مبدأ شخصية العقوبة فإذا كان ذلك وكان الثابت أن الخاضع له بنات بلغنا سن الرشد قبل تاريخ تقديم الخاضع للمحاكمة بفترات زمنية بعيدة وأصبح لكل منهن أسرته وذمته المالية الخاصة، والأوراق المقدمة للقضية أكدت أن إحداهن أو كلهن قد صارت بلا سبب وهى دون سن الرشد وفى كنف أبيها، فإذا كان ذلك فإن تقديمهن للمحاكمة على هذا الشأن هو إهدار لمبدأ شخصية العقوبة، فإذا كان المشرع الدستورى قد فرض قاعدة ينصاع لها الكافة خاصة القائمين على أعمال الدستور والقانون مفاداها براءة المتهم أصلا حتى تثبت إدانته فى محاكمة قانونية عادلة، فإن لزم هذا إلا أن يكون هناك ما يفرض الإدانة على المتهم، ويدع أسباب براءته عليه ولا يقبل ذلك من تشريع أو قاضى مادامت براءة المتهم مفترضة فعليًا من يدعى اتهامه أن يثبت هذا الاتهام. أما أن يفترض أن المتهم مدان فذلك مالا تتبناه القاعدة الدستورية التى تسمو فوق كل قانون فإن المادة الثانية من قانون الكسب غير المشروع نصت على أن كل مال حصل عليه بصفة الخاضع يعد وأنه ناتج عن استغلال الخدمة أو الوظيفة العامة أو نتيجة لسلوك مخالف لنص قانونى اى أن مال الخاضع كان بسبب استغلال الخدمة أو الصفة أو نتيجة لسلوك مخالف فهو كسب غير مشروع بما يعنى أن النص أورد قرينة قانونية أن ما حصل عليه الخاضع هو ناتج عن استغلال الخدمة العامة وهى قرينة تخالف المواد الدستورية الثابتة، ولهذه الأسباب أصدرت المحكمة حكمها بالبراءة.